عندما قام الزوار لشركة «هوج ايلاند أويستر»، بنزع قشرة محار المحيط الهادئ، على الطاولات المطلة على خليج توماليس في سان فرانسيسكو، كانت هذه هي المرحلة الأخيرة من القصة، التي يحب المؤسس المشارك للشركة «تيري سوير» أن يرويها عن القشريات، والخليج وكل الخطوات التي أتت بهذه الأطباق الشهية إلى المائدة، من على بعد بضع أمتار من مكان حصادها.
إنها قصة تتعلق أيضاً بدورة الكربون، والتغير المناخي والطرق التي تتغير بها كيمياء المحيط، وكيف تناضل شركات صغيرة مثل هوج أيلاند – وكذلك نظام المحيط البيئي بأكمله – للتكيف مع هذه التغيرات.
تقول «تيسا هيل»، عالمة بحار بجامعة كاليفورنيا، والتي تدرس «التحمّض»، وأقامت شراكة مع «سوير» وشركة هوج أيلاند، إن شركة المحار تساعد على جعل قضايا مجردة مثل تحمّض المحيطات والتغير المناخي قضايا ملموسة. وأضافت: «إن الشعور ملموس للغاية. فهو يتعلق بالطعام على مائدتنا، ويتعلق بالشركات العائلة، ويتعلق بسبل عيش الناس على الساحل. وسيحول تحمّض المحيط والتغير المناخي علاقتنا بالمحيط بشكل أساسي».
يعتبر تحمّض المحيطات نتيجة مباشرة لزيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. ومن المهم أن نعرف دور المحيطات –«كإسفنجة عملاقة»، – تمتص نحو 30% من انبعاثات البشرية من ثاني أكسيد الكربون. وبينما ترتفع هذه المستويات، تتغير كيمياء المحيطات بشكل أساسي، وتجعلها أكثر حمضية. وبالنسبة للحياة البحرية، تعتبر هذه واحدة من أكبر المخاطر بالنسبة لكائنات – مثل المحار والشعاب المرجانية وقنفذ البحر – والتي تحتاج إلى أيونات الكربون لبناء قواقعها أو هياكلها. والكيمياء المتغيرة للمحيط تجعل وحدات البناء هذه أكثر ندرة.
وقد بدأت المشكلة في الحصول على اهتمام كبير في العقود الأخيرة فقط. عند هذه النقطة انخفض مقياس الأس الهيدروجيني pH ، (وهو أداء إلكترونية تستعمل لقياس درجة الحموضة أو القاعدية لسائل معين)، بنحو 0.1 وحدة بي اتش، منذ أوقات ما قبل الصناعة، ما يمثل زيادة بنسبة 28% في حموضة المحيطات بشكل عام، وفقاً لما ذكره «ريتشارد فيلي»، عالم بارز في مختبر المحيط الهادئ البيئي، في الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي.
لكنه أشار، إلى أن هذا التغيير موزع جغرافياً بشكل غير متساوٍ، مع ملاحظة المزيد من تغييرات الـ pH بعيداً عن خط الاستواء. وعلى ساحل المحيط الهادئ، في الوقت نفسه، تكون التغييرات أكثر حدة ، لأن انخفاض pH على السطح يكون مقروناً بصعود تيارات المياه الغنية بثاني أكسيد الكربون من أسفل.
يقول دكتور هيل: «إننا نرى قيم الأس الهيدروجيني هنا، والتي قد تراها أنت في نهاية القرن في مكان آخر. إننا نراها هنا أولاً، ونرى أيضاً التأثيرات البيولوجية للتحمض هنا أولاً». وعلى سبيل المثال، فإن جناحيات الأرجل (نوع من الرخويات) – التي تلعب دوراً حيوياً في السلاسل الغذائية للمحيطات – تتحلل في تلك المياه الحمضية.
وقد بدأ «سوير»، وشركاؤه في «هوج أيلاند»، في رؤية مؤشرات على مشاكل التحمض منذ أكثر من عشر سنوات، لكنهم لم يدركوا أن هذه كانت مشكلة.
في ذلك الوقت، كانوا يشترون محارهم كـ «بذور» بحجم ربع بوصة تقريباً. ولأول مرة، بدأوا يواجهون مشكلة مع عدم توفر بذور المحار. وبدأ «سوير» يدرك هو وغيره في هذه الصناعة أن أزمات المحار كانت متزامنة مع تيارات المياه الصاعدة، والأحداث التي تسببت في ارتفاع شديد في الحموضة، وأصبح التحمض موضوعاً ساخناً بالنسبة للصناعة.
بالنسبة لشركة «هوج أيلاند»، كان هذا يعني بعض التغييرات، بما في ذلك الاستثمار في إعداد مكان خاص بها للتفريخ، والبدء في تجربة ذريات مختلفة أكثر مقاومة للتحمّض. كما تبحث الشركة عن حلول طبيعية للتخزين، مثل زراعة أعشاب بحرية قابلة للأكل جنباً إلى جنب مع المحار.
وقد أدى هذا إلى إنشاء شراكة بين هوج أيلاند وهيل ومختبر بوديجا البحري حيث تعمل. وبدأوا معاً في مراقبة المياه في خليج توماليس، في البداية بمعدات بدائية يتم فحصها شهرياً والآن بأجهزة مراقبة، مقدمة من الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، والتي تعطي بيانات في الوقت الفعلي عن درجة الحرارة والملوحة وثاني أكسيد الكربون، وغير ذلك من المقاييس.
وتساعد بعض الأبحاث الجارية أيضاً على التكهن، وعلى رسم التغييرات على طول الساحل الغربي، وهي البيانات التي من الممكن أن تساعد شركة هوج ايلاند وغيرها من شركات المحار على اتخاذ قرارات، بشأن أماكن إنشاء المزارع أو أماكن التفريخ في المستقبل، ويساعد هيئات الدولة في اتخاذ قرارات بشأن مختلف الأنواع المحلية.
*صحفية أميركية متخصصة في مجال العلوم والبيئة
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»